الفصل الأول
النشأة والتكوين
***
أصل الشعب العبرانى تاريخياً :-
كلمة "عبري" أو "عبرانى" على رأي كثير من العلماء تعني أهل التجَوُّل والتنقُّل والعبور من مكانٍ لآخر، أي البداوة، أي أن العبرانيين كانوا بدواً أعراباً يتنقلون عابرين في البادية.
والعبرانيون مع إخوانهم من الشعوب القديمة التى عُرِفَت بالشعوب السامية[1] وهم: الأموريون, البابليون, الكنعانيون, الآراميون والعرب – الشعوب القديمة بالشرق الأدنى أى منطقة غرب آسيا- يرى بعض الباحثين اعتبارهم جميعاً بدواً رحَّلاً, و أن هذا الوصف أقرب لهم من تسمية السامية.
والعبرانيون هُم الشعب الذى جاء منه موسى, ثم جاء منه الرب يسوع المسيح فيما بعد فى الوقت المعين لدى الله والمعروف بملء الزمان, الشعب الذى إنتقاه الله من بين الشعوب ولم يكن له مَيزة عن باقىالشعوب إلاّ بمسير الرب معهم "أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ" (خر33: 16)لكى يتم فيه وعد الله لآدم بالخلاص بعد العصيان والسقوط, وانتقاء الله لنوح وبنيه, ثم الوعد لإبراهيم الذى آمن وخرج من أهله و عشيرته إيماناً و طاعةً لخطة الله فحُسِبَ له بِرّاً (رو4: 3), ثم اسحق ثم يعقوب, الشعب الذى بدأ تاريخه فى أرضٍ غريبةٍ؛ أرض مصر(اع7: 6), مستعبداً مقهوراً, ثم أخرجه الرب بيدٍ عزيزةٍ مقتدرةٍ, ليعطى الرمز لعمل الله لخلاص الإنسان وخروجه من عبودية إبليس إلى أرض الميعاد, بعد الفصح ودم الحمل الذى هو العلامة على إطار الباب للحماية من مُهْلِك الأبكار.
هذا الشعب حسب التقليد اليهودى فى الأصل أرامىالجنس[2]؛ والآراميون منسوبون إلى جدهم آرام, وجاء العبرانيون من أرض الكلدانيين[3] من خلال ابراهيم أبى الآباء من مدينة أور جنوب نهرى دجلة والفرات: " ثُمَ تُصَرِّح وتقول أمَامَ الرَّبِّ إلهك آراميَّاً تائهاً كان أبي فانحَدَر إلى مِصْرَ وتغرَّبَ هُناكَ في نَفَرٍ قليلٍ فصَارَ هناكَ أُمَّةً كبيرةً وعظيمةً وكثيرةً" (تث26 : 5). وقد عاش "تارح" أبو "ابراهيم" فى مدينةِ "حاران"؛ ومن هناك إنحدر إبراهيم ليتغرب فى أرض كنعان كما أمره الرب حيث أقام أولاً فى المنطقة الوسطى فى فلسطين ثم ارتحل إلى الجنوب نحو جبل "حبرون", وضرب خيامه فى "بئر سبع", وامتد إلى "وادى العريش", وعاش مترحلاً فى خيام, لم يبْنِ بيوتاً ولم ينشئ مُدُناً ولم يُفَلِّح أرضاً.
وقد دُعِىَ ابراهيم عِبرانياً( تك 14 : 3 ) وعاش وتعامل مع الرب واختَبَر صَلاحَه وعظمَتَه حوالى 2000 سنة قبل ميلاد رب المجد فى جسد ناسوته, عاش كعِبرانى أى بَدَوِىّ مُتَرَحِّل؛ حيث كان العبرانيون طائفةً من البدو[4] الرُحَّل- كما سبق- لا يعيشون فى مدنٍ بل فى خيام حول المدن ويعملون بالرعى ولا يزرعون الأرض بل يتنقلون وراء العشبِ والكَلأ.
هكذا نرى ابراهيم ونسله آراميى الجنس, كل نسل ابراهيم. ولنا أن نَخْلُص إلى أنَّ العرب و إسرائيل يتشاركان فى النسب إلى الأصل الآرامى! وإن اختلطت الأجناس فيما بعد فى العصور الأحدث ولم يَعُد يوجد ما يمكن إعتباره الجنس النقى "Pure Race".
ابراهيم أبو الآباء أحد المحطات الرئيسية فى علاقة الله بالإنسان أطاع الله بالإيمان فى أصعب الأمور فكان باراً. ترك أهله وأرضه, فأعطاه الله أهلاً وأرضاً وبركةً أكبروأعظم.أقدم على تقديم وحيدِه ابن شيخوختِهِ كذبيحةٍ لله, ففداه الله وصارَابراهيم أباً لشعوبٍ كثيرةٍ.
وقد بدأ تكوين الشعب العبرى فى "أرض جاسان" فى مصر عند نزول يعقوب وبنيه ضيوفاً على يوسف ومن ثَمَّ ضيوفاً على فِرْعَوْنَ وكلِّ مِصْرَ أثناء فترةِ مجاعةٍ قادَتَهُم بحثاً عن الطعام إلى لقاءِ يوسُفَ المفقود منذ صباه والذى رَتَّبَ له الله أن يصل إلى أرفع مناصب مصر بعد فرعون لإستبقاء حياة أبيه وإخوته. وكان ذلك حسب تقديرات أغلب الباحثين حوالى[5] سنة 1700 ق.م. حيث يُعتَقَد أنهم عاصروا حكم الهكسوس (1700-1570ق.م.) ثم جميع ملوك الأسرة الثامنة عشر(1570-1300ق.م.) ومنهم : تحتمس الثالث, وأمينوفيس الثالث, وأمينوفيس الرابع, وأخناتون. ثم أوائل ملوك الأسرة التاسعة عشر(1300-1200 ق.م.) ومنهم رمسيس الأول, وسيتى الأول, ورمسيس الثانى الذى يعتقد كثير من الباحثين أن الخروج تم فى عهده أى حوالى سنة 1280 ق.م.
وقد جاء إسرائيل وبنوه إلى مصر وكان عددهم 70 نفس "وَكَانَتْ جَمِيعُ نُفُوسِ الْخَارِجِينَ مِنْ صُلْبِ يَعْقُوبَ سَبْعِينَ نَفْساً ولَكِنْ يُوسُفَ كانَ فِى مِصْرَ" (خر 1: 5 ), وعند الخروج بعد مرور430 سنة على إقامتهم فى مصر بلغ عدد الشباب الذكور من سن عشرين سنة فما فوق 603550 شاب و رجل "فَكَانَ جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً كُلُّ خَارِجٍ لِلحَرْبِ فِي إِسْرَائِيل, سِتَّ مِئَةِ أَلفٍ وَثَلاثَةَ آلافٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِين" (عد 1: 45, 46)وبتَوَقُّع نسبة هؤلاء من التعداد العام فإن عدد الشعب ككل يصل حوالى مليونين ونصف المليون نفس.
هكذا شهدت أرض جاسان بداية تكوين الشعب العبرى.
معنى إسم جاسان :-
ليس واضحاً تماماً معنى الإسم وأصله اللغوى, فالمُتَاح من المصادر المعنية لا يحسم الأمر, وربما أكثرما يوضح المعنى[6] هو أن الكلمة في العبرية هي "جوش"[7] وإن لم يُعرف مدلولها بالضبط فى العبرية، ولكنها في الترجمة السبعينية باليونانية "جسم""Gesem" "geqem" أى "الأرض المنزرعة" وقد تأتى "جوشن" Goshen"" "govcn " ، ويرى بعض الباحثين فى التركيب اللغوى أنها قريبة من الكلمة العربية "جشم يتجشم" بمعنى "يتحمل المشقة".
كما يرى بعض علماء المصريات أنها من الكلمة المصرية القديمة "قاس" أو "جاس" التي تعني "الأرض المغمورة بالماء" إذ يبدو انها كانت المنطقة التى كان يتجمع فيها ماء النيل قرب مَصَبِّه عند الفيضان, حاملاً الطمى الذى أكسبها خصوبة مميزة. وهى التي أطلق عليها الإغريق اسم "الولاية العربية" وهى ماتقع شرق دلتا النيل الى حدود سيناء والتي كانت عاصمتها "فاقوسة" ومعناها بالمصرية القديمة "يسكب".
فأقرب معنى للإسم إذاً ؛ هو ما يفيد الخصوبة و جودة الأرض.
ويَرِد ذِكْرُ جاسان فى صيغة الكلمة "جُوشنGoshen " وقد أُطْلِقَت على مناطق أخرى خارج الأراضى المصرية, كانت أرضاً خصبة أى "أرض مزروعة" مثل: منطقة كانت جنوبي فلسطين؛ "فَضَرَبَهُمْ يَشُوعُ مِنْ قَادِشِ بَرْنِيعَ إِلَى غَزَّةَ وَجَمِيعَ أَرْضِ جُوشِنَ إِلَى جِبْعُون" (يش 10 : 41)، "فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ تِلْكَ الأَرْضِ الْجَبَلَ وَكُلَّ الْجَنُوبِ وَكُلَّ أَرْضِ جُوشِنَ وَالسَّهْلَ وَالْعَرَبَةَ وَجَبَلَ إِسْرَائِيلَ وَسَهْلَهُ" (يش 11 : 16). كما كانت مدينة ليهوذا في الجبال بالقرب من بئر سبع بنفس الإسم؛ "وَجُوشَنُ وَحُولُونُ وَجِيلُوهُ إِحْدَى عَشَرَةَ مَدِينَةً مَعَ ضِيَاعِهَا"(يش15 : 51).
لذلك قد لا يكون الإسم لُغَوِيّاً من أصل مصرى نظراً لوجوده أيضاً فى هذه المناطق خارج مصر.
موقع فيبستة
موقع أرض جاسان شرق دلتا النيل
موقع و طبيعة أرض جاسان :-
نعلم من سفرالتكوين ص 47 أن اسرائيل وبنيه سكنوا أرض جاسان لدى وصولهم إلى مصرففى العدد6 نجد فرعون يعطى يوسف أن يُسكِن أهله فى أفضل ما يراه من الأرض "أَرْضُ مِصْرَ قُدَّامَكَ. فِي أَفْضَلِ الأَرْضِ أَسْكِنْ أَبَاكَ وَإِخْوَتَكَ. لِيَسْكُنُوا فِي أَرْضِ جَاسَانَ" ( تك 47 : 6 ). ونجد التنفيذ فى عدد11 "فَأَسْكَنَ يُوسُفُ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَعْطَاهُمْ مُلْكاًفِي أَرْضِ مِصْرَ فِي أَفْضَلِ الأَرْضِ فِي أَرْضِ رَعَمْسِيسَ كَمَا أَمَرَ فِرْعَوْنُ" ( تك47: 11).
يُعتقد أنها المنطقة المجاورة "لبيسوبت" {تل بسطة أو كفرالحنة الحالية} على بعد نحو خمسة كيلومترات أو يزيد شرقي مدينة الزقازيق.
كما يُعتقد أنها كانت تقع شرقي فرع بوبسطة، أحد فروع النيل قديما، ويبدو واضحاً من المزمور(78 : 12 و43) أنهاهي أرض صوعن التي يرجح أنها أرض رعمسيس "أفضل الأرض" كما جاء وصفها في سفر التكوين ( 47 : 11 ) والتي أَسْكَنَ فيها يوسُفُ أباه واخوته (تك 45 : 10) وهوأول ذكرلها في الكتاب المقدس، وتذكر في الترجمة السبعينية– كما سبق القول– باسم "جِسْم العربية " أو "الولاية العربية" وقد أُطْلِقَ عليها هذا الاسم باعتبارها جزءً متواصلاً مع صحراء سيناء و ما شرقها والتي كانت تُعْتَبَر الحدود الشرقية لمصر. ولم يكن معروفاً فى ذلك العصر ما نسميه اليوم "ترسيم الحدود" أو علامات الحدود الدولية, فكانت الحدود عبارة عن فواصل من الأرض ذات المساحات المفتوحة.
وموقع أرض جاسان جغرافياً هكذا ومدخلها سيناء[8] أعطاها قيمة استراتيجية كمدخل لمصر من الشرق ولا بد أن هذا كان سبباً لقلق حكومة مصر آنذاك من وجود أغراب فى منطقة حساسة كهذه. وقد كانت بالفعل مدخلاً للغزوات التى عانتها مصر طوال تاريخها. وقد كانت أيضاً مدخلاً للقوات العربية التى دخلت مصر بقيادة عَمْرُ بن العاص[9] فى عهد عُمَر بن الخطاب الخليفة الثانى فى الإسلام.
وفي المرة الثانية التي يرد فيها ذكر جاسان(تك 46 : 28 و 29) نجدها فى الترجمة السبعينية[10] هكذا: "وأرسل يهوذا أمامه إلى يوسف ليقابله في "مدينة هيروس" (أو هيروبوليس)، ثم جاءوا إلى أرض رعمسيس، فشد يوسف مركباته وصعد لإستقبال إسرائيل أبيه في مدينة هيروس". ومن هنا نرى أنه في القرن الثالث قبل الميلاد (عند وضع الترجمة السبعينية) كانوا يعتبرون أن أرض جاسان هي كل المنطقة الممتدة جنوبا حتى هيروبوليس الواقعة في وادي طميلات. وكانت جاسان أرض مراع تكثر فيها الزراعة ويَكْثُر فيها العُشْب الطبيعى المناسب للرعى (خر 8 : 22، 9 : 26).
نَسْتَنتِج أنه كان لأسرة فرعون قصراً على أحد فروع النيل التى كانت فى ذلك الوقت (فرع بو بسطة) فى أرض جاسان أو فى حدود منطقتها فقد وضعت أم موسى السفط بين الحلفاء فى منطقة من النيل غير بعيدة ولعل السيدة يوكابد قد إختارت المكان بعناية وذكاء, وكانت أخت موسى قادرة على متابعة السفط وبه موسى حتى نزول إبنة فرعون إلى النيل قرب قصرها كما عادت الطفلة إلى أمها لتحضرها إلى الأميرة لإلحاقها بالعمل كمرضعة لأخيها. فالمسافة إذاً لم تكن كبيرة بين الموقعين .
كما نستنتج أن هذه المنطقة من النيل كانت آمنة لدرجة كافية؛ من تماسيح النيل المتوحشة, وبعيدة عن أنظار المتطفلين من عامة الناس؛ حتى أن الأميرة جعلت منها مسبحها, وقد كانت النساء فى مصر القديمة يُعَبِّرْن عن تقديرهن للنهر بالإغتسال[11] فيه وقت فيضانه (كجزء من طقوس إختص بها المصريون نهر النيل الذى عُبِدَ وعُرِفَ باسم الإله "حابى" واعتبروه مصدر الخير فى البلاد).
وقد كانت منطقة إقامة أسرة موسى أو منطقة جاسان عموماً - بخلاف خصوبة وجودة أرضها- من المناطق المتميزة والمريحة وتتمتع بمواصفات بيئية جيدة إلى حد كبير حيث أقيم فيها قصر ملكى وسكنتها أسرة فرعون.
موقف فرعون وسياسة الدولة الفرعونية نحو العبرانيين :-
بعد مرور حوالى 350 سنة على وصول بيت اسرائيل وإقامتهم فى مصر- وقت مولد موسى- كانت الأحوال قد تبدلت مع الشعب العبرى:
انتهت فترة حكم تميزت بالتقدير ليوسف العظيم ولشعبه وبالعرفان بالجميل للرجل الذى وقى البلاد وما حولها من كارثة مجاعة مهلكة لوقت طويل. فبمرور الوقت لم يَعُدْ يُذْكَر شئ عن ذلك, وبقى فقط أن العبرانيين شعب غريب ليس له إلاَّ العبودية للمصريين أصحاب الأرض وأسيادها.
حياة الرعاة التى كان العبرانيون يعيشونها لم تكن حياة كريمة, ولا العمل بالرعى كان محترماً بل كان نجساً عند المصريين. كما أن المصريين نظروا بإستعلاء لغيرهم من الشعوب, لِمَا كان لهم من تقدم حضارى و تَمَدْيُن عَمَّن حولهم.
إتصفت تلك الفترة بحالة الصراع بين المصريين والهكسوس, و تولد الشعور بإحتملات الخيانة من أى غريب إن نشبت حرب, وقد بدا للمصريين أن العبرانيين أقرب للهكسوس كرعاة مرتحلين.
إفتقر ذلك الزمان لوسائل الإتصال والتواصل بين التجمعات البشرية- رغم إقامة العبرانيين بين المصريين- ونزوع الأجواء العامة للغموض مما أوجد التوجس وإفتراض سوء النية تجاه الآخر.
كانت منطقة جاسان مدخلا للبلاد من جهة الشرق حيث أغلب التهديدات بغزو أجنبى فى تلك الفترة بل وعبر تاريخ مصر- كما سبق- حيث تكتسب هذه المنطقة قيمة استراتيجية كبيرة فى كونها بوابة رئيسية للبلاد. وكان استقرار وزيادة تعداد الشعب العبرى فى منطقة جاسان, سبباً للتوتر والقلق من وجود أجانب بهذا العدد داخل الأراضى المصرية, قرب حدودها الشرقية.
تحددت خطة تعامل الدولة الفرعونية مع العبرانيين فى إتجاهين:
أولاً : إستنفاذ طاقة الشعب والإستفادة منه بعيداً عما يثير الهواجس الأمنية؛ كأيدى عاملة فى صناعة اللُّبْن أى طوب البناء, وتسخيرهم فى بناء مدن المخازن "فيثوم ورعمسيس".
ثانياً : ضرب فُرْصَة وجود القوة الفاعلة عسكرياً لدى الشعب على المدى الطويل؛ بقتل الأطفال الذكور عند مولدهم.
استدعى فرعون القابلتين "شِفْرَة, وفُوعَة" اللتين كانتا تعملان فى منطقة العبرانيين, وأمَرَهُمَا أن تَقْتُلا كل مولود ذكر للعبرانيين, لكننا نقرأ فى (خر1: 17) ما سطره الوحى المقدس أنهما "خافتا الله ! ولم تفعلا كما كلمهما ملك مصر" وتعللتا عندما سَاءَلْهُما الملك بأن نساء العبرانيات لا ينتظرن قدوم القابلة لأنهُن قويّات.
وقد تعللت القابلتان فىدفاعهماعن نفسيهما بملاحظة طبية عن الشعب العبرى وهى سرعة تقدم عملية الولادة "Labour Progress" حيث تنتقل من المرحلة الأولى إلى الثانية[12] بسرعة, وأيضاً قوة تحَمُّل النساء العبرانيات الآلام الكاذبة التى تسبق التطور الجاد للولادة "False Labour Pain" ذلك لأن مستوى إستشعار الألم "Pain Threashold" يكون عالياً لديهن فتبدأ السيدة العبرية الشعور بالألم فى مستوى أشد منه عند غيرها, ولذلك لا يتم استدعاء القابلة إلاَّ فى شديد الأمر. كما أن هذا التَحَمُّل قد يستمر حتى إتمام الولادة بالفعل قبل وصول القابلة التى كان يتم استدعائُها بذهاب أحد الأشخاص إليها مما يستغرق بعض الوقت, فتشرع فى التوجه إلى المكان, وحتى وصولها الذى يحتاج وقتاً حسب إمكانيات المواصلات المتاحة وقتها, فتتم الولادة فى هذه الأثناء وتقوم الأم والمحيطين بها بتولى أمر الطفل فلا يعود بمقدور القابلة الإستحواذ على الطفل وقتله.
هكذا كان دفاعُهُما وقتها, أما السبب الذى أعلنه الوحى المقدس فيما بعد عند كتابة سفر الخروج هو أنهما "خافتا الله", فقد أطاعتا صوتاً غامضاً داخلهما لم تكونا عارِفتَيْن كُنْهِه. وقد باركهما الله وأحسن إليهِما وكافأهُما؛ بأن أصبح لكل منهما بيتاً كما يذكر الوحى المقدس (خر1: 20, 21).
جدير بالتأمل أمر هاتين القابلتين المصريتين : " خافتا الله "
كان أمر فرعون بقتل جميع الأطفال الذكور من أبناء العبرانيين واجب النفاذ, ولم يكن بإستطاعة أحد أن يخالف هذا الأمر, خاصة وأن فرعون ازداد غضباً عندما لاحظ استمرار النمو العددى وزيادة أولاد العبرانيين.
ميلاد موسى ونَسَبُه وأسرَتُه :-
فى هذه الأجواء وُلِدَ موسى, وقام والداه بإخفائه إذ بالإيمان كانا يريانه جميلاً للرب, وبعد ثلاثة أشهر لم يمكن إخفاؤه أكثر: "بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ" (عب11: 23), "وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُخَبِّئَهُ بَعْدُ أَخَذَتْ لَهُ سَفَطاً مِنَ الْبَرْدِيِّ وَطَلَتْهُ بِالْحُمَرِ وَالزِّفْتِ وَوَضَعَتِ الْوَلَدَ فِيهِ وَوَضَعَتْهُ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ, وَوَقَفَتْ أُخْتُهُ مِنْ بَعِيدٍ لِتَعْرِفَ مَاذَا يُفْعَلُ بِه" (خر 2: 3 , 4).
لوحة من كلاسيكيات فن التصوير تتخيل لحظة عثور الأميرة الفرعونية على السفط بين الحلفاء بالنيل وبه الطفل موسى.
موسى هو ابن عمرام بن قهات بن لاوى بن يعقوب إسرائيل, إذ تزوج عمرام عمته يوكابد أخت قهات وبنت لاوى: "وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةً لَهُ. فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً" (خر 6 : 20 ) إذ كان ذلك ممكناً قبل الشريعة التى تسلمها موسى نفسه بعد ذلك .
ويبيّنلناسفرالتكوينأنتسعةوخمسينعاماًانقضتمابينموتيوسفوولادةموسى.
وقد ذكر الوحى المقدس فى بدء عرضه لقصة ميلاده دون أن يذكر اسما أبويه اكتفاء بالقول : "وَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لاَوِي وَأَخَذَ بِنْتَ لاَوِي" (خر 2: 1)، فلا يُذكر إسماهما إلا في الأصحاح السادس (حيث يعرض الوحى المقدس سلسلة أبناء لاوى)، وهما عمرام بن قهات، ويوكابد عمته (خر 6: 20).
ثم عبارة "فحبلت المرأة وولدت ابناً" (خر 2:2)، مما قد يُفْهَم منه أن هذا الإبن كان ابنها الأول، ولكننا نعرف أنه كان له أخت أكبر منه، كانت تحرس السفط[13] {وعاء يشبه القفة أو السلة} الذي وضعته أمه فيه بين الحلفاء، وكانت الطفلة فى سن تستطيع تتبُّع أخاها ولها من الحكمة ما جعلها تراقب الموقف وتنتهز الفرصة لتجعل من أم موسى مرضعةً له. كما نجد فى (خر7:7) أن الولد له أيضاً أخ أكبر منه بثلاث سنوات.
إحدى كلاسيكيات التصوير توضح الطفلة "مريم" فى أقصى يمين اللوحة وهى تقترح إحضار مرضعة عبرانية للطفل
(ربما قَصَدَ الفنان وضع مريم على نهاية اللوحة ولا يظهر منها سوى جانب الوجه واليدين وتتسلل داخل المشهد لتُلقى بإقتراحها)
كانت الأسرة على وعى بوعود الله, و ثقة فى إله آبائهم المزمع أن يفتقدهم؛ يذكر سفر العبرانيين "بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ " (عب11: 23 ), "ولما لم يمكنها أن تخبئه بعد أخذت له سفطا من البردي وطلته بالحمر والزفت ووضعت الولد فيه ووضعته بين الحلفاء على حافة النهر, ووقفت أخته من بعيد لتعرف ماذا يفعل به" (خر2: 3, 4). كما أن أخاه هارون كان يكبره بثلاث سنوات (خر7:7)، مما يدل على أن أمر فرعون بقتل أولاد العبرانيين صدر بعد ولادة هارون وقبل ولادة موسى.
وعلى ذلك يكون ترتيب الأخوة الثلاثة هكذا:
معنى اسم موسى :-
هناك رأيان فى أصل كلمة موسى من حيث انتمائها إلى أى من اللغة العبرية أو اللغة المصرية القديمة, ولكل منهما ما يؤيده من إشتقاق الكلمة من المعانى المتاحة لكل لغة:-
- الاسم في العبرية "موسى" يغلب أنه مشتق من كلمة تعني "ينتشل" لأن ابنة فرعون "انتشلته من الماء": "ولما كبر الولد جاءت به إلى ابْنَةِ فِرْعَونَ فصار لها ابناً و دَعَت اسْمَهُ مُوسى و قالت إني انتَشَلْتُهُ من الماء" (خر 2: 10)، ونجد معنى الإنتشال فى النشيد الذى كلم به داودُ الرَّبَ عندما أنقذه من يد أعدائه ومن يد شاول؛ والذى يرد فى كل من: (2 صم22: 17) و(مز18: 16) "أرسَلَ مِنَ العُلَى فأخَذَني نشَلَني من مياهٍ كثيرةٍ".
- أما في اللغة المصرية القديمة فمعناه "ابن"، وقد جاء في الكثير من أسماء الفراعنة، مثل "أحمس" (أو أحموسا)[14] أي ابن الإله "أح"، و"تحوتمُس" أي ابن الإله "تحوت" (أو توت)، و"رعمسيس" (أو رمسيس) أي ابن الإله "رع" .. وهكذا.
لقد نشأ موسى وتربى فى بيت ابنة فرعون وحتى الأربعين من عمره ومن الطبيعى أن يتمشى اسمه مع معانى اللغة الفرعونية, وربما نفترض أن انتماء الكلمة لغوياً أكثر الى المصرية القديمة منه الى العبرية, خاصة والإسم إختارته ابنة فرعون, وربماأعطت الكلمة معنىً فى المصرية القديمة (قد نكتشفه لاحقاً) يفيد الإنتشال من الماء ايضاً وليس فقط بمعنى إبن, فلا يمكننا الفصل بالمعنى فى اللغة المصرية القديمة بأكثر من كونه يعنى (ابن). لكن المهم أنه لدينا نصاً محدداً بالكتاب المقدس, فقد جاء الوحى المقدس هكذا : "وَدَعَتِ اسْمَهُ مُوسَى وَقَالَتْ إِنِّي انْتَشَلْتُهُ مِنَ الْمَاءِ" (خر 2: 10).
وينتمى التركيب اللغوى للإسم ككلمة ذات معنى تام إلى اللُّغة العِبرية, ومعنى الإنتشال يتحقق أكثر فيها؛ فيتضح هذا من المزمور- كما سبق- والذى تغنى به داود و يرد فى (كل من: 2 صم22: 17، مز18: 16) ( أرْسَلَ مِنَ العُلَىَ فَأَخَذَنِي نَشَلَني مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ ) , ونصه فى العبرية هكذا:
و يمكن أن نفترض إستعانة الأميرة الفرعونية بالمربية العبرية السيدة "يوكابد" فى إختيار إسم يعبِّرعن معنىً أرادته هى, أو بقبولها إقتراحأً بالإسم, وقد قبلت سابقاً إقتراحاً بالمُرْضِعة العِبرانية تقدمت به الطفلة "مريم" التى أدخلت نفسها فى المشهد آنذاك بذكاء و لباقة فى الوقت المناسب.
يُذْكَر اسم موسي[15] أكثر من 830 مرة بالكتاب المقدس, منها حوالى750 مرة في العهد القديم، 79 مرة في العهد الجديد، وجميعها تشير إلى "موسى بن عمرام بن قهات بن لاوى" القائد والمُشرِّع والنبي العظيم.
كُتُب التاريخ وقصة موسى :-
لأنَّ كُتَّاب التاريخ ينقسمون إلى قسمين أولهما من يُصَدِّق على الوحى المقدس ورواياتِه التى يتجلى فيها التناسق ضِمْن خِطَّة إِلَهيَّة مترابطة لها هدف وتسلك مَساراً مُرَتَّباً, والثانى من ينكر ذلك ويَعْتَبِر مرجع أحداث الكتاب المقدس إلى الأساطير القديمة, فإن مجرد ورود بعض الأحداث التى يُقِرُّها أهل الفريق الرافض فى كتاباتهم يصبح دليلاً مُعْتَبَراً لصالح الكتاب المقدس و رواياتِه, وليس ضده كما يريدون.
ومن الفريق الثانى نقرأ للمؤرخ الشهير ج. ويلز(H . G. Wells) فى كتابه[16] (The Outline of History) والمُتَرْجَم (معالم تاريخ الإنسانية) الكتاب الرابع, الفصل الثامن عشر, ما يورد فيه أن قصة استقرار بنى اسرائيل فى مصر واستعبادهم هى قصة عسيرة معقدة. إلا أنه يتبع ذلك بالقول أن هناك سجل مصرى يشير إلى نزول بعض الشعوب السامية بأرض جاسان (Goshen) بأمر الفرعون رمسيس الثانى, وجاء بهذا السجل أنهم لجأوا إلى مصر بسبب افتقارهم إلى الطعام. لكن الكاتب يركز على أنه ليس هناك قَطّ أى سِجِلّ مصرى يتحدث عن حياة موسى وأعماله, ويقول عن الضربات المذكورة فى سفر الخروج أنه لم يصل إلينا أى بيان تاريخى عن إصابة مصر بالطاعون ولا عن أى فِرْعَون أُغْرِقَ فى البحر الأحمر.
هكذا كَتَبَ "ويلز", رغم أنه ليس مُسْتَغْرَبَاً غياب موسى من الآثار الفرعونية حيث أنه لم يكن له دور تاريخي بين المصريين بل طبعاً كان دوره بين العبرانيين, ولا يمكن مثلاً إعتبار غياب موسى من بَرْدِيّات ومَسَلاَّت الفراعنة المتاحة لنا حتى الآن دليلاً على وهمية شخصية موسى, وأسطورية روايات الكتاب المقدس, فموسى لم يكن زعيماً مصرياً حرص على تخليد إسمِهِ فى الآثار المصرية التى خلفتها الإمبراطورية المصرية القديمة, ولا قائداً عسكرياً فى الدولة المصرية عاصر تحَوُّلاتٍ تاريخيةً فى حكمِ مِصرَ وجاء ذِكْرُها فى الآثار المصرية دون ذِكْر موسى.
ويستمر ويلز فى نفس الفصل الثامن عشر فى عرض رؤيته لقصة الطفل موسى وإخفائه فى السفط فى النيل فيقول أنها تحتوى على قدر كبير من شذى الأساطير وبها شبه كبير من أسطورة سومرية قديمة عن "سرجون الأول" الذى يتحدث عن نفسه قائلاً [17]:
"ها أنذا سرجون الملك القوىّ ملك أكاديا. كانت أمى فقيرة, وما عرفت أبى قط, وكان شقيق أبى يعيش بين الجبال ... وقد ولدتنى أمى الفقيرة سراً, ووضعتنى فى سلة من القصب, وأغلقت بابها بالقار, ثم ألقتنى فى النهر, فلم تبتلعنى لججه بل حملتنى مياهه حتى أوصلتنى إلى (أكى) الموكل بالرّى. وقد تلقانى أكى هذا فى طيب قلبه. وربَّانى أكى حتى أصبحت غلاماً يافعاً. وجعلنى أكى بستانياً. وأدْخَلَت خدماتى كبستانى السرور على قلب (عشتار) وبذلك أصبحت ملكاً". ويتبع الكاتب ذلك بما يورده عن لوحة طينية[18] يذكر أنها أُكتشفت حديثاً - وقت وضع كتابه[19] - كتبها الولاة المصريون على إحدى مدن كنعان إلى "أمنحوتب الرابع" أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة المتقدمة فى الزمن على رمسيس الثانى, وفيها يذكرون اسم العبرانيين صراحة, وأنهم يجتاحون أرض الكنعانيين. والكاتب يهدف هنا إلى نفى أن يكون رمسيس الثانى وهو من الأسرة التاسعة عشرة هو فرعون وقت الخروج أو من يُسَمَّى أحياناً (فرعون موسى) حيث كان فى الحكم وقت دخول العبرانيين أرض كنعان, وليس وقت خروجهم من مصر .
وعلى أى الأحوال فلسنا بصدد إثبات أونفى روايات الوحى المقدس التى يمكن أن تتسع لها مجالات أخرى أكثر عمقاً وتخصصاً, وليس الغرض هو مطابقة الكتاب المقدس بالتاريخ وأبحاثه.
لكن هكذا ترد أحياناً قصة موسى والشعب العبرى عند المؤرخين.
التهذيب والإعداد لعمل خاص جداً (فى بيت ابنة فرعون) :-
بينما كان القتلُ هو مصيرَ الأطفال الذكور من العبرانيين؛ تَربَّى موسى فى كنف ابنة فرعون, وقامت أمه يوكابد بإرضاعه وتربيته لإبنة فرعون, وتقاضت أجراً, وتحت سمع وبصر فرعون وكل الشعب, وأُعتُبِرَ موسى حفيداً لفرعون, فمَن مِن المِصْرِيين يجرؤ على المَساس به؟ ما أعجب وما أروع تدبير الله.
لقد تولّت أم موسى الحقيقية "يوكابد" تربيته تحت رعاية الأميرة الفرعونية, فعلّمَتْه فى سنواته الأولى أنه سليل ابراهيم واسحق ويعقوب, وأنه من شعب يرعاه إله آبائه, وكان لحرص الأم على زرع الإيمان فيه أكبر الأثر فى حمايته من الإنسياق وراء آلهة المصريين وأوثانهم. وللسنوات الأولى من عمر موسى من خلال تربية أمه يوكابد أكبر الأثر فى إيمان موسى بإله آبائه.
لابد أن موسى تلقى تعليمه الأوَّلى كعادة أبناء الأمراء على يد معلِّمين متخصصين فى تعليم أبناء الأمراء و الملوك, ولابد أن نشأته الأولى بين أقرانه من طبقة الأمراء زرعت فيه مكونات شخصية خاصة باعتباره أميراً يُعَد لمهام قيادية, فقد يتولى قيادة عمل من أعمال الحكم فى الدولة, أو قيادة عمل عسكرى فى الحروب. كان الإعداد المعنوى فى هذه الفترة فى غاية الأهمية نحو بناء شخصية القائد عند موسى.
نتوقع أن يكون موسى قد تلقى علومه بعد ذلك فى جامعة هليوبوليس مثلاً أو أى من المعاهد الدراسية التى كان كهنة الفراعنة يقومون على شئونها وأبحاث علومها (التى ربما كانت فى الكثير منها خاضعة لأعمال السحر), ولم يكن متاحاً فى ذلك الوقت لعامة الناس الوصول إلى هذه العلوم فقد إحتكرها الكهنة وقدموها فقط للصفوة كالملوك والأمراء الذين نشأ موسى بينهم .
تنوعت علوم الفراعنة بين الطب, الهندسة, القانون, علوم الإدارة, الزراعة, الفلك, الجغرافيا, الكيمياء, علوم الفيزياء كالضوء والصوت وخواص المادة, وغير ذلك الكثير مما يعطى كفاءات معرفية فائقة وقدرات متميزة لدارسى هذه العلوم.
اقتضت الدراسة فى ذلك العصر المرور بمختلف العلوم وعدم الإقتصار على تخصصات معينة وتحصيل قدر محترم من جميع العلوم, فقد تعلم موسى وتهذب بكل علوم عصره "فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ وَكَانَ مُقْتَدِراً فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَال" (اع 7 : 22) وكانت مصر قائدة حضارة عصرها, ومازال العلم الحديث ينبهر بما يمكن أن يعرفه عن علوم المصريين القدماء.
ذكر المؤرخ العظيم "يوسيفوس"[20] أن موسى قاد حملة من الحملات الفرعونية إلى الحبشة, وأنه استطاع إحراز نصر كبير حتى أن فرعون كافَأَهُ بِأَوْسِمَةٍ, كما زَوَّجَهُ ابنَتَهُ [21](كانت تدعى ساربيس) مُكافأةً له حسب عادات ذلك العصر.
دور الأم فى صناعة شخصية موسى: -
أم موسى هى يوكابد بنت لاوى بن اسرائيل, وقد وُلِدَت له وهو شيخ فى مصر.
الكلمة "يوكابد" تعنى: "مجد الله".
تحتل السنوات الأولى من عمر الطفل أول وأهم المؤثرات التى تشكل تكوين ووجدان الإنسان, وذلك ما تُجْمِع عليه مدارس التحليل النفسى- سواء ما وضعه سيجموند فرويد أو ما وصل إليه آخرون- وأيضاً مدارس التعليم ونظريات التربية.
يصعب على الشخص إدراك العلاقة بالله مالم يكن قد إختبر ذلك من خلال تربيته[22] فى السنوات الأولى, وشعر بالعلاقة مع الوالدين كمثال لعلاقته بالله.
تميزت شخصية موسى بعلامات الأبوة نحو الشعب والمشاعر الرعوية رغم المصاعب التى مر بها مع شعب متمرد صعب المراس كالشعب العبرى, كما تمتع بقدر كبير من الشهامة. ولم تأت هذه الأبوة وهذه النخوة من فراغ, فقد كان لوجود السيدة "يوكابد" فى سنوات عمر موسى الأولى دوراً حيوياً وأساسياً.
فهى بما أنها أمه الحقيقية؛ أعطت ابنها كل حنان الأم واهتمامها بإخلاص حقيقى وصادق, فنشأ الصبى مرتوياً لا يعانى الحرمان من الأم, وربما كان سيختلف الأمر لو كانت مكانها مرضعة أو مربية أخرى تعمل لمجرد الأجر. وهكذا فقد تَوَفَّر لموسى فى نَشْأَتِه: رغد العيش كأمير, وتعليم جيد منذ الطفولة, وأم حقيقية رائعة عرفت كيف تصنع من إبنها رجلاً لم يشهد تاريخ الشعب اليهودى مثله. "وَلمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيل مِثْلُ مُوسَى الذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهاًلِوَجْه" (تث 34 : 10).
ونتوقع أن يكون الإرتباط الوجدانى بين الطفل وأمه يوكابد قد إمتد بعد السنوات الأولى من العمر, ولم يتوقف بإنتهاء مدة الرضاعة, بل إستمر الى كل مرحلة الطفولة والمراهقة والشباب, بل سيكون من الطبيعى جداً إمتداد هذه العلاقة وهذا الإرتباط حتى نهاية حياة السيدة يوكابد, ويعتبر أمراً عادياً لدى النبلاء والأمراء بل وجميع الأوساط فى بنى البشر؛ أن يرتبط الشخص بالسيدة التى نشأ على صدرها، حتى ولو لم تكن أمه.
وبما أنها مؤمنة بوجود ترتيب إلهى بخصوص شعبه, وتعرف كم كان الرب إلهاً قديراً مع آبائها فقد قامت بتلقين موسى الطفل كل ذلك , وعلمته تاريخ آبائه واختباراتهم مع يهوة إله ابراهيم واسحق ويعقوب .
أمرٌ آخر يَخُصُّ هذه السيدة العظيمة وهو أنها ولابد كانت على قدر عظيم من الحكمة والذكاء, ورغم قلة ما يذكره الوحى المقدس عن ملامح شخصية هذه السيدة, إلا أننا نستطيع إستنتاج ذلك ولو من إعتبار عامل الوراثة الذى جعل أخت موسى الصغيرة تتصرف بذكاء مدهش عندما عثرت الأميرة الفرعونية على أخيها الطفل, كما أن موسى نفسه تمتع بذكاء فطرى موروث فى أغلب توقعنا له؛ وقد ظهر فى مختلف المواقف التى مر بها مع الشعب فى الخروج ثم فى البرية (بالإضافة إلى المَلَكات الإدارية والتدبيرية والقيادية المكتسبة من خلال تعليمه وثقافته التى نشأ عليها, وبالطبع التَدَخُّلاَت الإلهية المعجزية فائقة الإبهار التى صاحبت الشعب سواء فى الخروج أو فى رحلة البرية).
الأب عمرام بن قهات بن لاوى بن اسرائيل :-
كلمة "عمرام" تعنى: "شعب مرتفع".
لم يذكر الوحى المقدس الكثير عن والد موسى, سوى أنه بن قهات بن لاوى, وقد تزوج يوكابد عمته, وأنجب هرون وموسى ومريم أختهما:
- "وَبَنُو قَهَاتَ عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةًوَثَلاَثاًوَثَلاَثِينَ سَنَةً" (خر 6 : 18).
- "وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةًلَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةًوَسَبْعاًوَثَلاَثِينَ سَنَةً" ( خر 6 : 20 ).
- "وَاسْمُ امْرَأَةِ عَمْرَامَ يُوكَابَدُ بِنْتُ لاوِي التِي وُلِدَتْ لِلاوِي فِي مِصْرَ فَوَلدَتْ لِعَمْرَامَ هَارُونَ وَمُوسَى وَمَرْيَمَ أُخْتَهُمَا" (عد 26 : 59).
لم يكن لعمرام دور فى حياة موسى كالذى كان لآبائه مع أبنائهم (ابراهيم مع اسحق, واسحق مع يعقوب, ويعقوب مع الأسباط) كما لم يكن كالدور الذى لعبته أم موسى فى حياة ابنها, وربما توفى مبكراً, أو من الجائز أنه لم يكن له أن يتواجد كثيراً مع ابنه موسى على غير ما كان من حق أمه يوكابد وهى المرضعة التى إعتمدتها الأميرة ويمكنها أن تتواجد معه فى أى وقت, داخل أوخارج قصر الأميرة, وحتى بعد إنتهاء الرضاعة وتسليم الطفل للأميرة التى تبنته.
وبرغم قلة ماذكره الوحى عنه إلا أن إيمانه هو وزوجته كان جديراً بالتسجيل: "بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ " (عب11: 23 ).
الحياة فى مصر وتأثيرها على سلوك و فكر الشعب العبرانى :-
الشعب العبرى فى مصر؛ شعبٌ أغْفَل علاقتَه بإلَههِ واستسْلمَ لنيرِ العُبُوديَّةِ وروح الوثنية.
قضى العبرانيون فى مصر مدة 430 سنة: "وأمَّا إقامة بني اِسرائيل الَّتي أقامُوها في مِصْرَ فكانت أربعِ مئةٍ وثلاثينَ سنةً" (خر12 : 40).
عاش الشعب الفترة الأولى فى رخاء, ورفاهية وكرم ضيافة كما يليق بأهل يوسف الذى احترمه المصريون: "وَسَكَنَ إِسْرَائِيلُ فِي أَرْضِ مِصْرَ فِي أَرْضِ جَاسَانَ وَتَمَلَّكُوا فِيهَا وَأَثْمَرُوا وَكَثُرُوا جِدّاً" (تك 47 : 27 ), منذ وصول يعقوب وأولاده الى مصر والوعد بالخروج وإمتلاك الأرض التى وعد الله بها ابراهيم واسحق ويعقوب قائم لدى الشعب الذى تَكوَّن فى أرض مصر وأصبح جمهوراً عظيماً. وقد سلم الآباء لأبنائهم هذا الوعد الإلهى(رغم ظروف العبودية والحال السيئة التى صار عليها الشعب), وقد طلب يوسف عند موته أن يُصعِدوا عظامه معهم وقت خروجهم من مصر: "بِالإِيمَانِ يُوسُفُ عِنْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَ خُرُوجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَوْصَى مِنْ جِهَةِ عِظَامِه" (عب 11 : 22), "وَاسْتَحْلَفَ يُوسُفُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً اللهُ سَيَفْتَقِدُكُمْ فَتُصْعِدُونَ عِظَامِي مِنْ هُنَا" ( تك 50 : 25 ), "وَأَخَذَ مُوسَى عِظَامَ يُوسُفَ مَعَهُ لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتَحْلَفَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَلْفٍ قَائِلاً إِنَّ اللهَ سَيَفْتَقِدُكُمْ فَتُصْعِدُونَ عِظَامِي مِنْ هُنَا مَعَكُمْ" (خر13: 19).
تغيَّرَالحال مع تَغَيُّرِ العصر وتَغَيُّرِالحاكم:" ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ" (خر1: , وبعد أن عاش الجيل الأول من شعب إسرائيل هانِئاً بتأثير شخصية يوسف العظيم وفَضْلِه فى مواجهة المجاعة وتقدير وعرفان المصريين, تغيرت الأجيال وأصبح العبرانيون شعباً منبوذاً يكتنفه الغموض, مشكوك فى ولائه ومصدر قلق لجهاز الحكم فى مصر.
عاش الشعبُ غريباً؛ فلم يشعر أبناء إسرائيل بالمُوَاطَنَة التى كانت من حق المصريين, ولابد أنه كانت هناك تفرقة واضحة سواء فى تعامل نظام الدولة الرسمي معهم أو فى سلوك أفراد المصريين نحوهم, وبالرغم من أن مصر فى ذلك العصر بلغت رُقِيّاً وحضارةً على أفضل مستوى عرفته الأمم حولها؛ إلا أنها لم تكن تُعْطِى إهتماماً لما نسميه حالياً بحقوق الإنسان ونبذ التفرقة العنصرية والمساواه بين الناس وكل القيم النبيلة التى ترعاها المجتمعات المتحضرة حالياً, فلم يكن هذا مفهوماً وقتها.
لذلك نشأت أجيال من الشعب لا تعرف معنى الحياة الكريمة , تقبل لنفسها حياة المَهَانة باعتبارها أمراً عادياً, وتأقلَمَت النفوس لتتوافق مع حياة الذُّل على أنها الصورة العادية للحياة. وعندما حاول موسى القيام بدور القائد للخلاص لم تكن هناك استجابة من الشعب, بل كان رفضاً؛ "فَظَنَّ أَنَّ إِخْوَتَهُ يَفْهَمُونَ أَنَّ اللهَ عَلَى يَدِهِ يُعْطِيهِمْ نَجَاةًوَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا" (أع 7: 25).
إتّصَفَ الشعب العِبرى فى هذه الفترة بعدة خِصال إنتقصت منه كثيراً كشعب الله الذى خصَّصَه لنفسه كشعب مقدَّس يأتى منه مخلِّص البشر, غير أن الله فى رحمته لا يتغير حسب حالة البشر, بل يظل أميناً بصرف النظر عن عدم أمانة الإنسان.
وكان من صفات هذا الشعب فى مصر أنه :-
· فَقَدَ دَوْرَه فى الشهادة لله يهوة, إذ تخلى عن مظاهر عبادة إله آبائه أو حتى مجرد ذكر اسمه خوفا من المصريين الذين يعبدون آلهة أخرى, ولم يُظْهِروا صلاحه أمام المصريين, وبذلك لم يكن فرعون ولا المصريين على علم بمن هو هذا الإله الذى يتحدث عنه موسى طالباً خروج الشعب للبرية لعبادته.
· طغت وثنية المصريين على فكر ووجدان الشعب فضعُفَ الإرتباط والعبادة لله إله إبراهيم واسحق ويعقوب, وضعُفَت حالة الشعب روحياً, ولم يكن ممكناً تقديم الذبائح من الحيوانات[23] التى كان يقدسها المصريون, فقد كانت عبادة الحيوان جزءاً أساسياً من الديانة المصرية, فهل يتغافل المصريون عمَّن يذبح آلهتهم؟. لقد كان الأمر مستحيلاً على مرأى من المصريين.
· تأثر العبرانيون خلال مدة إقامتهم فى مصر بعبادات المصريين, مثل عبادة العجل "أبيس Apis" وتخيلوا أنه يصلح أن يكون إلهاً لهم, وقد ظهر ذلك عندما غاب عنهم موسى فى الجبل, واستطاعوا إقناع هارون بصناعة نسخة من أبيس لعبادته.
· نشأ جيل يجهل تماماً إختبار إله الآباء, إختباراً حياً فى الحياة. ولم يعد الشعب يدرك ما الذى يميز هذا الإله عن الآلهة الحيوانات.
· فَقَدَوا حاسة إستشعار زمن الخلاص, ووضعوا جانباً وعود الله للآباء بالخروج من مصر والإنتقال إلى أرض مباركة, ولم يهتموا بها. وعندما حاول موسى أن يعلن نفسه قائداً للخلاص لم يفهموا ذلك.
· شعب شَعُرَ بصِغَرِ النفسِ تَعوَّدَ على الضغوط, تأصَّلت فيه الدُونِيَّة.
· شعب أُصيب بمرض إعتياد الأمور, فلم يعُد يميز حاله إن كانت على ما يُرام أم لا.
· رغم قسوة العبودية, إعتاد الإستكانة والهوان وتأقلم مع العبودية ولم يرغب الحرية ولم يهتم بها.
· و رغم خضوعه للغير تحت العبودية, فهو شعب مُتَبَرِّم متمرد يرفض الإنخراط فى نظام يقوده أحد أبنائه.
[1] - عمر فرّوخ ، تجديد التاريخ فى تعليله و تدوينه " اعادة النظر فى التاريخ " ، 6.
2 - متى المسكين، تاريخ اسرائيل من واقع نصوص التوراة و الأسفار وكتب ما بين العهدين . ج 1، 18.
[3] - جواد على، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام. ملف Word برامج الحاسب. فصل 6 (صلات العرب بالساميين)، فصل 14(العرب فى الهلال الخصيب) وفصل 16(العرب و العبرانيون).
[4]- متى المسكين، تاريخ اسرائيل من واقع نصوص التوراة و الأسفار وكتب ما بين العهدين .الجزء الأول، 19.
[5]- متى المسكين، تاريخ اسرائيل من واقع نصوص التوراة و الأسفار وكتب ما بين العهدين .الجزء الأول،20.
[6]- دار الثقافة المسيحية، دائرة المعارف الكتابية . نسخة الحاسب. الأسماء. جاسان.
[7]- أغناطيوس الأنبا بيشوى، قطمارس . الإصدار الثالث . النص العبرى لسفر التكوين أصحاح47 .
[8]- مازالت منطقة سيناء والقناة اللتان تؤديان الى أرض جاسان بمحافظة الشرقية بسبب موقعها الجغرافى تشكل عبئاً أمنياً صعباً للحكومة المصرية بخلاف العبء الإستراتيجى العسكرى الذى هدأ جداً بعد اتفاقية السلام, ورغم حالة الإسترخاء العسكرى للحدود الشرقية والهدوء الأمنى داخل البلاد إلاَّ أننا نجد حديثاً تفجيرات"شرم الشيخ" ثم"دهب"و"مجرى السيل" بجنوب شرق سيناء ثم عمل إنتحارى شمالها وإشاعات عن مثلها فى "بلبيس", وقد لا يكون لها هذه المرة مرجعية سلفية إسلامية بل مجرد جرائم غير سياسية تساعدها طبيعة المنطقة التى تشكل إحدى الصعوبات الأمنية للشرطة المصرية, فلا تخلو هذه المنطقة من عوامل القلق للحكومات المصرية, لسببٍ أو لآخر, سواء قديماً أوحديثاً.
[9]- ألفريد ج.بتلر، فتح العرب لمصر. تعريب محمد فريد أبو حديد. (فصل 15أول الحرب) ، 190.
[10]- دار الثقافة المسيحية، دائرة المعارف الكتابية . إصدار الحاسب. الأسماء. جاسان.
[11]- ميلاد جرجس، موسوعة الجيب التفسيرية. ج1 ، 92 .
1- مراحل الولادة الطبيعية ثلاثة؛ فىالأولى يتسع عنق الرحم ويصحب ذلك ألم شديد نتيجة إنقباض الرحم فى موجات من التقلص تؤدى إلى ضغط الطفل على عنق الرحم ليَتَّسِع ويتهيأ الطفل للولادة بتغيير وضعه ليناسب مروره من عنق الرحم مما يحدث ألماً شديداً أيضاً, وفى الثانية تتم عملية خروج الطفل بتفاصيلها, وفى الثالثة تتم ولادة المشيمة ثم عودة الرحم إلى الإنقباض وانكماش حجمه.
[13] - موريس جدعون , حنا حلو, غسان خلف. المعين معجم الألفاظ العسرة . باب حرف س .
والسفط هنا مصنوع من البردى و مطلى بالحمر والزفت(مادة القار المعروفة) لجعلها عازلة للماء. وكانت المراكب النيلية تصنع بهذه الطريقة فى العصر الفرعونى و بحرفية أكثر و خامات أقوى وتختلف فى الشكل حسب استخدامها. ومراكب الشمس المعروفة والتى إكتشفها الأستاذ/ كمال المَلاَّخ فى بداية النصف الثانى من القرن الماضى, والموجودة حالياً بمنطقة الأهرام بالجيزة؛ تظهر منها طريقة إعداد المركبات النيلية عند الفراعنة.
[14] - سمعت لفظة الإسم(أحمس) منطوقة (أحموسا) أو (أحموزا) على لسان كل من: دكتور/ زاهى حواس, ودكتور/ عبد الحليم نور الدين عالِمَىّ المصريات والآثار, أكثر من مرة فى عدة برامج تليفزيونية , و هى بذلك تشبه فى مقطعها الثانى الإسم (موسى) أو(موزا) أو(موزيس فى بعض اللغات الأوربية) وهذا المقطع يعنى(إبن) فى اللغة المصرية القديمة. وأحمس فى التاريخ الفرعونى هو البطل المصرى الذى قاوم وطرد الهكسوس من مصر ومعنى اسمه: ابن الإله (أح), وهو إله القمر فى مصر القديمة.
[15]- الأمر الفريد أنه لا يطلق هذا الاسم على شخص آخر في الكتاب المقدس، فلا يوجد غير موسى واحد فى كل أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.
[16] - ها.ج. ويلز ، معالم تاريخ الإنسانية . ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد. الكتاب الرابع، 285.
[17] - ها.ج. ويلز ، معالم تاريخ الإنسانية . ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد. الكتاب الرابع , 286.
[19] - وضع ويلز كتابه فى أول الستينيات من القرن الماضى .
[20]- متى المسكين, النبوة و الأنبياء فى العهد القديم ,42.
-[21] منيس عبد النور, موسى كليم الله .نسخة الحاسب. ملف IE explorer .الفصل الأول موسى قبل أن يدعوه الله.
[22]- رياض جابر, أسس التربية المسيحية . فتشوا الكتب. سبتمبر 1988 ,11: 13, 21, 28.
[23]- جفرى بارندر, المعتقدات الدينية لدى الشعوب. ترجمة امام عبد الفتاح امام. مراجعة عبد الغفار مكاوى. فصل 2 مصر القديمة فقرة 8 عبادة الحيوان, 51.
|